عمان- تشهد عملية التحول نحو الاقتصاد الأخضر في الأردن تباطؤا ملحوظا نتيجة ضعف وعي المجتمع والقطاع الخاص بأهمية هذه الخطوة، مع وجود عراقيل تنظيمية وبيروقراطية.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن “عدم تحديد أدوار كافة الجهات المعنية في عملية التحول تلك تعد أحد التحديات التي تواجه الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر”، وفق خبراء.
ورغم أن وزارة البيئة أكدت في تصريح رسمي لها، وعلى لسان وزيرها معاوية الرداديدة أول من أمس أن “الأردن خطى خطوات متسارعة نحو الاقتصاد الأخضر”، لكن نتائج تقارير رصد محلية للقطاع في رؤية التحديث الاقتصادي أثبتت أن نسبة الإنجاز في المشاريع عام 2023 وحتى منتصف السنة الحالية لم تتجاوز 25 %.
وتخالف التصريحات الحكومية ما ورد في تقارير رصد مؤسسة (محامون بلا حدود- الأردن) التي أشارت نتائجها إلى أن “عدد المشاريع المنفذة في قطاع الاقتصاد الأخضر منذ مطلع العام الحالي ولغاية حزيران (يونيو) بلغت ثلاثة مشاريع من أصل 34 مشروعا”، وفق رئيسها د. صدام أبو عزام.
وما يزال نحو27 مشروعا في قطاع الاقتصاد الأخضر، الواردة ضمن رؤية التحديث الاقتصادي للعام الحالي قيد التنفيذ، في حين أن أربعة مشروعات لم تنفذ نهائيا، وفق قول أبو عزام.
وقال إن العام الماضي، لم يشهد “سوى تنفيذ ثلاثة مشاريع في قطاع الاقتصاد الأخضر من أصل عشرين مشروعا، والذي يدلل على أن التقدم في هذا الملف في الأردن ما يزال يسير ببطء”.
وبين أن “نسبة الإنجاز في مجمل مشروعات القطاع عام 2023 وحتى منتصف السنة الحالية وصلت إلى
25 % فقط، في حين لم تشهد التنمية الحضرية الخضراء أي تقدم”.
وفي رأي المستشارة في البناء الأخضر د. ميسون خريسات فإن “مفهوم الاقتصاد الأخضر وتطبيقاته في الأردن ما تزال غير مكتملة بالشكل المطلوب بين مختلف القطاعات والشرائح في المجتمع، بهدف تسريع عملية الانتقال”.
وأضافت خريسات: “كما أن عدم فهم الجهات الرسمية وغير الرسمية، وحتى الأفراد، والمنتجين وغيرهم لأدوارهم فيما يتعلق بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر يعد سببا في تباطؤ الإنجاز في هذا الملف”.
وقالت إن “التحول يتطلب وجود إجراءات واضحة يتم اتباعها من قبل كافة الجهات، وصولا لتحقيق الهدف المنشود في هذا القطاع”.
ولفتت إلى أن “هنالك طرق قياس لأثر نجاح تحول الأردن نحو الاقتصاد الأخضر، من بينها مدى تأثيره على صحة ورفاه الإنسان وتحسين جودة الحياة، وعلى خفض نسب الانبعاثات، وغيرها”.
ودعت خريسات الحكومة “إلى وضع مؤشرات واضحة وشفافة تظهر مدى التقدم الحقيقي في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر”.
ويواجه التحول نحو الاقتصاد الأخضر عدة تحديات من بينها “ضعف وعي المجتمع والقطاع الخاص بأهمية هذه الخطوة، مع وجود عراقيل تنظيمية وبيروقراطية، وارتفاع تكاليف بطاريات تخزين الطاقة، وكلف استخدام طاقة الرياح”، وفق مؤسس ومدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية د. أحمد عوض.
ويرى عوض أن “ثمة ضعفا في قدرات شبكة الكهرباء في العديد من المناطق، خاصة تلك التي تتركز فيها الأنشطة الاقتصادية، في ظل صعوبة الوصول إلى تمويل بأسعار فائدة عادلة”.
ورغم أن الأردن لديه سياسات واضحة في شأن التحول نحو الاقتصاد الأخضر إلا أن “تسريع عملية التحول في هذا القطاع وصولا للاستجابة لحاجات الاقتصاد والمجتمع، يتطلب جهودا إضافية، إذ إن الموضوع ليس خيارا، بل حاجة ضرورية”، على حد قوله.
ولفت إلى أن “الأردن يستورد الغالبية الكبرى من الطاقة، التي تساهم في استنزاف موارده، وتضغط كذلك على حساب ميزان المدفوعات، وبل وتعرضه لمخاطر تقلبات أسعار الطاقة في العالم”.
وفي رأيه فإن “التحول إلى الاقتصاد الأخضر يتطلب على المستوى الوطني تعزيز قدرة الاقتصاد الأردني في مجالات التعليم، والابتكار، والتكنولوجيا، والتدريب، وريادة الأعمال”.
ولا يقتصر الأمر على ذلك بل إن “هنالك حاجة لتبني سياسة وطنية تضع الحاكمية الرشيدة والاستخدام الأمثل للموارد في مقدمة الأولويات، وذلك ضمن إطار تشاركي بين القطاعين العام والخاص يدفع بعجلة النمو الاقتصادي، لتحقيق تنمية مستدامة تلبي طموحات الشباب وتخلق فرص عمل حقيقية لهم”.
وأيدت مختصة تطوير المشاريع في الطاقة النظيفة وكفاءة الطاقة ديانا عثامنة مسألة “وجود سياسات وتشريعات بشأن التحول نحو الاقتصاد الأخضر، لكن التقييم الشامل لمدى التقدم المحرز بهذا الملف يجب أن يعتمد على مؤشرات، وأرقام ملموسة”. وشددت عثامنة على أن “قياس التقدم يأتي عبر لمس الأثر المباشر على المواطن من خلال تحسين جودة الحياة، وخلق فرص عمل جديدة، وتقديم حلول مستدامة للتحديات البيئية”.
وأضافت: “كما أن عملية تحديد التقدم في الأردن لا بد أن ترافقها معرفة ترتيبه بين الدول، والتي توضح أين موقع المملكة من ملف التحول نحو الاقتصاد الأخضر”.
ومن التحديات الرئيسية التي تواجه الأردن في شأن التحول “نقص التمويل، إذ رغم وجود فرص تمويلية متاحة، لكن كيفية الاستفادة القصوى منها وتوجيهها نحو المشاريع الأكثر تأثيرا، يعد تحديا”.
وشددت على أن “هنالك حاجة إلى تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية لدعم الاقتصاد الأخضر بشكل فعال، باعتباره ضرورة ملحة لضمان تنفيذ السياسات البيئية”.